مركز التسامح العالمي يؤيد موقف الإفتاء المصرية حول الجهاد في فلسطين
في رسألة تأييد لما ورد من موقف الافتاء المصرية تجاه الجهاد في فلسطين، والذي أكد ضرورة التحلي بالعلم والحكمة والبصيرة، وعدم الانسياق وراء شعارات رنانة تفتقر إلى المنطق والواقعية، حيث وجه الدكتور عبدالحميد متولي رئيس المركز الإسلامي العالمي للتسامح والسلام في البرازيل وأمريكا اللاتينية. عضو المجمع الفقهي بكندا رسالة إلى مفتي الجمهورية د. نظير عياد تؤكد عدم الموافقة على ما جاء مواقف غير مدروسة حول الجهاد في فلسطين، من الدعوة السلفية، واتحاد علماء المسلمين.
وقال د. متولي في رسالته التي حملت عنوان الرد السديد على اتحاد علماء المسلمين ورئيس الدعوة السلفية بمصر ياسر برهامي: "لقد أصبح من المقلق والمثير للأسى أن يُتخذ الدين مطية لتحقيق أغراض سياسية أو حزبية ضيقة، وأن يُنتزع النص من سياقه الشرعي والتاريخي ليُساق في غير موضعه، فيخالف مقاصد الشريعة ويضر بوحدة الأمة.
وأوضح أنه في هذا السياق، تصدّرت المشهد تصريحات وبيانات منسوبة لما يُعرف بـ"اتحاد علماء المسلمين" وبعض رموز "الدعوة السلفية" في مصر، وعلى رأسهم الدكتور ياسر برهامي، تتضمن دعوات صريحة للنفير، واستدلالات من النصوص الشرعية في غير مواضعها، وفتاوى تفتقر إلى فقه المقاصد، وتحمل في طياتها تهديدًا للاستقرار وإضرارًا بمصالح الأمة.
وعن فتوى النفير والدعوة للتعبئة العامة قال رئيس مركز التسامح: "لقد دعت بعض بيانات ما يُسمى باتحاد علماء المسلمين إلى "النفير العام"، مستدلين بآيات الجهاد دون مراعاة لضوابطه وشروطه الشرعية، ومُتغافلين عن فقه المآلات، وواقع الأمة الممزق، حيث قال الإمام الشاطبي في "الموافقات": "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا، سواء كانت الأفعال موافقة أو مخالفة".
وشدد أن الدعوة للنفير بلا إذن ولي الأمر، أو في غياب راية شرعية واضحة، *تُعد خروجًا عن جماعة المسلمين، وهي مخالفة لما عليه جماعة أهل السنة من ضبط فقه الجهاد بالعلم، والقيادة، والمصلحة.
أما في الرد على استدلال الدكتور ياسر برهامي بآية: *"إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق" لعدم نصرة الفلسطينين قال د. عبدالحميد متولى: "استدل الدكتور ياسر برهامي بهذه الآية ليُبرر مواقف سياسية تتعلق بعدم نصرة المسلمين المظلومين أو الامتناع عن تأييدهم إذا كان هناك عهد مع غير المسلمين، وهو *استدلال في غير محله، فالآية تتحدث عن حالة خاصة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان بين المسلمين والمشركين مواثيق مؤقتة. وقد قال الإمام الطبري: "الميثاق المذكور هنا كان مع كفار قريش، ولا يُقاس عليه إطلاقًا في زماننا دون ضوابط".
واكد أن الوفاء بالعهد لا يبرر التخاذل عن نصرة المسلم المظلوم، وإنما يُراعى ضمن ضوابط لا تُفضي إلى خيانة أو خرق شرعي، كما بيّن ذلك القرطبي والرازي.
ولفت إلى ان الأئمة الأربعة شددوا على حرمة الفتن، وخطورة التكفير، ووجوب مراعاة المقاصد العامة، وتحقيق المصلحة ودرء المفسدة: حيث - قال الإمام مالك: "من جعل الدين مطية للوصول إلى الدنيا، فقد هلك وأهلك"، وقال الإمام أبو حنيفة: "لا نكفر أهل القبلة بذنب ما لم يستحلوه"، وقال الإمام أحمد: "من خرج على إمام قد اجتمعت عليه الأمة فقد خالف السنة"، وقال الإمام الشافعي: "إذا صح الحديث فهو مذهبي، واضربوا بقولي عرض الحائط".
أضاف أن هؤلاء الأئمة لم يجعلوا فتاواهم وقودًا للسياسة أو مدخلًا للفتنة، بل كانوا حراسًا للأمة من الغلو والانحراف.
وقال أنه: "من المحزن أن نرى بعض المنتسبين للسلف يُناقضون منهج السلف الحقيقي، فيجعلون الولاء للتنظيم قبل الولاء للأمة، ويكفرون من خالفهم في الاجتهاد، ويُفرغون النصوص من مقاصدها الرحيمة.. فهل من منهج السلف أن تُستباح الفتنة باسم العقيدة؟ وأن تُترك نصرة المظلوم بحجة المواثيق السياسية؟ وأن يُحرَّف فهم النصوص لتبرير التخلي أو التأجيج؟
وأكد أنه من الضروري الرجوع إلى المرجعيات الإسلامية الرسمية قائلا: "إن من أهم ما يحفظ للأمة وحدتها ويصون دماءها، الرجوع إلى المؤسسات الإسلامية الرسمية المعتمدة في الفتوى والاجتهاد، وفي مقدمتها: دار الإفتاء المصرية، التي تمثل نموذجًا للاعتدال والانضباط العلمي، والأزهر الشريف منارة العلم ومرجعية المسلمين في العالم منذ أكثر من ألف عام، وهيئة كبار العلماء والمفتي العام في المملكة العربية السعودية، الذين يمثلون صوت الحكمة والوسطية.
وشدد أن تجاوز هذه المؤسسات، والاعتماد على أفراد أو كيانات غير منضبطة، لا يؤدي إلا إلى الفوضى، وتمزيق الصف، وغياب البصيرة.
وفي نداء إلى علماء الأمة وعوامها قال رئيس مركزالتسامح العالمي في رسالته: إن هذا المقال دعوة للرجوع إلى المنهج الصحيح، الذي يجمع ولا يفرق، ويعمر ولا يهدم، ويهتدي بأقوال الأئمة لا بأهواء التنظيمات، ويستنير برأي المؤسسات العلمية الكبرى لا بفتاوى معلبة، ونسأل الله تعالى أن يُرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وأن يحفظ أمتنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.



